((هل الإيمان بالله ممكن …وهل هو حقاً ما يريده الله منا))….

سيد هاشم الصالح-

((هل الإيمان بالله ممكن …وهل هو حقاً ما يريده الله منا))….

(وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ)

( كَيْفَ يُسْتَدَلُّ عَلَيْكَ بِما هُوَ فى وُجُودِهِ مُفْتَقِرٌ اِلَيْكَ،)…الإمام الحسين

كيف يريد الله من الإنسان أن يؤمن به وهو أكبر من أن يعرفه أو يحيط به. .فالله هو المطلق والإنسان محدود. ..فكيف للمحدود أن يحيط بالمطلق. ..

 (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )..

هناك كلام كثير عن الإيمان بالله وما يقابله من إلحاد…إذا كان الله اعلى من كل شيء وهو لا مثيل له….

(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى)….

(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ )…………

فكيف بمقدور الإنسان أن يؤمن بالأعلى وهو لا يدركه…

(لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ) …. الْأَبْصَارُ هي مجموع كل ما يملكه الإنسان من قدرات …وهذا المجموع أعجز من ان يدرك به ما هو الله..

والله هو نفسه يقول إنه لا يكلف أحد فوق طاقته…

 (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ )…

فالإيمان بالله هو فوق طاقة الإنسان. ..فكيف يكلفه بما لا يطيق. ..

حتى إبراهيم. ..أبو الأنبياء. ..وهو مهندس الطريق إلى الله. .كان يبحث عن الله…فهل وجد الإيمان هو الطريق إلى الله . .إبراهيم كان يبحث عن اليقين في الله… (وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ)..كان يبحث عن اليقين وحصل عليه. .ولكن هل حصل عليه بالإيمان. .أم بغير الإيمان لأن الإيمان بالله غير مقدور للإنسان. .

فنرى إبراهيم ينتقل من إله إلى اله..(لا إله)..لا نريد الخوض في كيفية مرور إبراهيم بهذه المرحلة. .ولكن بإختصار هو وصف قرآني لما يدور في أعماق وجود إبراهيم. .هو وصف لما يدور من حوار كوني بين فطرة الإنسان وعقله. .دعونا نسمع هذا المشهد الابراهيمي. ..

( رَأَىٰ كَوْكَبًا ۖ قَالَ هَٰذَا رَبِّي )…بعد ذلك

 (فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَٰذَا رَبِّيۖ)… بعد ذلك اشتد الأمر على إبراهيم وهو يبحث عن الله..(قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي)

(فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَٰذَا رَبِّي هَٰذَا أَكْبَرُ)…هنا ..إلى ماذا يا ترى وصل إليه ابراهيم. .هل أعلن إيمانه بالله أم تسليمه. .توجهه لله. .ما أراده الله وحصل عليه إبراهيم. .هو أنه صارت وجهته لله. .فابراهيم سيد الموحدين حدد وجهة الإنسان وهي إلى الله. .

( إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا ۖ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)…

حتى اليقين الذي حصل عليه إبراهيم كان نتيجة تدبر في مخلوقات الله….ملكوت السموات والأرض. ..

(وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ)….

وبالتالي كانت ملة إبراهيم هي ليست الإيمان بالله بل توجيه الإنسان أن تكون وجهته نحو الله…وهذه الملة الابراهيمية صارت الدين…الذي يجب على الإنسان أتباعه. .

( وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ ۗ )….

حتى أن هذه الملة الابراهيمية التي تريد ان تهدي الإنسان نحو الوجهة الصحيحة أصبحت هي الأساس للدين الذي جاء به محمد “الاسلام”…

 (ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۖ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِين)َ …..

وجاء محمداً صلى الله عليه وآله وسلم ليؤكد على إبراهيمية العلاقة مع الله. ..محمد جاء بقران يدعو الإنسان لأن يتمثل أسماء الله الحسنى. .دين محمد لا يدعو إلى الإيمان بالله ..إنه يدعو إلى الإيمان باسمائه الحسنى. ..فدين محمد هو دين الإحسان. .

( وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ ۗ وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)..

فمن يؤمن بالعمل الصالح هو مؤمن بالله. ……

 (الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ)….

ومن يؤمن بالسلام فهو مؤمن بالله. ..

 (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ)…

ومن يؤمن بالعزة. ..ومن يؤمن بالحكمة فهو مؤمن بالله. .

(سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )…

ومن يؤمن بالرحمة والعلم فهو مؤمن بالله…

(رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا )….

ومن يؤمن بالعفو والمغفرة فهو مؤمن بالله…

( إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)

(فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ)….

ومن يؤمن بالعدل فهو مؤمن بالله. .

( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ)….

فالإيمان بالله هو سلوك وممارسة وليس كلام وتنظير. ..الله ما أراد منا أن ننشغل بذاته. .بل أراد منا أن ننشغل باسمائه وصفاته. .

(محمد صلى الله عليه وآله): تفكروا في الخلق ولا تفكروا في الخالق فإنكم لا تقدرون قدره.

(الأمام علي عليه السلام): من تفكر في ذات الله الحد ومن تفكر في صفاته ارشد. …

فكم من مؤمن بالله نظريا وهو في الحقيقة ملحد. ..وكم من ملحد بالله نظريا وهو في الحقيقة مؤمن. .

(وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)….

فكرة واحدة على ”((هل الإيمان بالله ممكن …وهل هو حقاً ما يريده الله منا))….

التعليقات مغلقة.